أُمّي.. حيث تكونين أكون

{title}
أخبار الأردن -

 

عماد الخطيب
 
جوابًا لسؤال ذاك المذيع: "لماذا ترقص أمهات اللاعبين في الملعب"؟
أُمّي.. حيث تكونين أكون
في موجة التداخل بين الرغبة والحاجات، وتماهي استشراف صعوبات المستقبل مع الحاضر، تبقى حقيقة واحدة لا خلاف فيها هي أن كاتمة الأسرار هي الأم وحدها.
فيتفق البشر على رغبتهم في أن تكون لهم أم..
ولا يختلف اثنان على أهمية العيش معها، مع خلاف بينهم في أي تلك الفترات أكثر أهمية؛ فرعايتها لصغيرها مبدأ إنساني عام، أمّا تحمّلها لأطفالها، ومن يكبر منهم، ورؤية نفسها بهم، وإن كبروا، فهو أمر نسبيّ.
وماذا لو احتاجت الأم إلى الرعاية في فترة حرجة هل ستجدها ممن رعتهم سابقا!
إنها الإنسانية في التعايش، ولكن هناك ما هو فوق الإنسانيّة.
فمنذ أن صوّرت القصص الأسطوريّة الأمّ بالبحر، والسّماء، والغيم، والكنز، وذات الوجوه السّبعة، والكرة الولود، ونحن نفكّر في ارتباطها بتلك الصّور التي لا يوجد منها صورة سلبية واحدة، فلم تقدْ الأم حربًا، ولم تعشها وتخطط لها! بل لم تتنازل عن ابنها مهما حصل، ولم تصنع شرًّا قط!
إنّ الأسطورة بعدّها القصّة الأكثر تلاصقًا مع فكر الإنسان.. باعدت بين الشّرّ والأم، وحمّلت صورة الأمّ معاني الخير كلّها. 
إنّها الأم صاحبة الرّؤوس السّبعة: رأس لكل ابن لها، ورأس لزوجها، ولا رأس لها! وإنّها البحر، والسماء، والغيم، والكنز بما تحمله من خير! وإنّها الكرة الولود التي حافظت على إنسانيّة الكوكب! 
فإذا ما تخيّلنا الكوكب دون أمّ، تخيّلنا بشرًا ليسوا كالبشر! 
لا جنس لهم، ولا ما يحدّد صورتهم، وهم لا يقدرون على التّمييز بين أبسط الألوان والأشياء، وتتساوى حياتهم مع بقيّة حياة الكائنات على سطح هذا الكوكب.
وهذا ما يحصل عندما نتخيل حياتنا الجديدة "كيف سيكون شكلها؟"
فالطعام: مكونات حبوب غذائية، والعلاقات: عبر مواقع التواصل الاجتماعية، ولا فرق بين أن يعيش الطّفل مع أم أو أب أو حتى مع مَن يقوم على تربيته إن كان سيكبر في كونٍ لا يعترف بالعاطفة!
وأخيرًا..
العاطفة ليست من الكلمات الميّتة في قاموس الكون لا القديم ولا الجديد..
ولا هي بعيدة عن الأمّ أسطوريّة كانت أم واقعيّة.
إنها الأم – يا سادة – هي مصنع القادة، وهادية الحكماء، وقاموس نبعها لا ينضب، وهي الأكثر ذكرًا في موسوعات العالم الحضاريّة.
إنّها السرّ الذي لا يُخترَق، وإنّ لها رقمًا سريًّا يصعب اكتشافه، ورمزًا إذا ما قالته لابنها حمل لها الجبال وحرّكها من مكانها؛ إنّه رقم لم يره أحد، ولا يُعرف له شكل أو لون أو رائحة إلا أنّه "شيفرة" بين كلّ أم وابنها. 
فإن لم تعش مع أمّك أسرارك، فلا تخبرها أحدًا!
وإن لم تعشْ مع أمك.. أنت حتمًا لم تعشْ!
اليوم البشر غير البشر. والعالم غير العالم. ولكن الأمّ هي الأمّ.
تابعونا على جوجل نيوز
تصميم و تطوير